الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقرئ: {أن لا يقدروا بِيَدِ اللَّهِ في ملكه وتصرفه}. واليد مثل {يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ} ولا يشاء إلا إيتاء من يستحقه. عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الحديد كتب من الذين آمنوا باللّه ورسله». اهـ.
وفي {أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكْر اللَّهِ} ثلاثة تأويلات:أحدها: أن تلين قلوبهم لذكر الله.الثاني: أن تذل قلوبهم من خشية الله.الثالث: أن تجزع قلوبهم من خوف الله.وفي ذكر الله ها هنا وجهان:أحدهما: أنه القرآن، قاله مقاتل.الثاني: أنه حقوق الله، وهو محتمل.{وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: القرآن، قاله مقاتل.الثاني: الحلال والحرام، قاله الكلبي.الثالث: يحتمل أن يكون ما أنزل من البينات والهدى.{اعلموا أن الله يحيى الأرض بعد موتها} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: يلين القلوب بعد قسوتها، قاله صالح المري.الثاني: يحتمل أنه يصلح الفساد.الثالث: أنه مثل ضربه لإحياء الموتى. روى وكيع عن أبي رزين قال: قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الأرض بعد موتها؟ فقال: «يَا أَبَا رُزَينَ أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ مُمْحَلٍ ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضْرَةً؟ قال: بلى، قال كَذَلِكَ يُحْيي اللَّهُ المَوتَى».{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} فيه وجهان:أحدهما: المصدقين لله ورسوله.الثاني: المتصدقين بأموالهم في طاعة الله.{وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أَوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} أي المؤمنون بتصديق الله ورسله.{وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} فيه قولان:أحدهما: أن الذين آمنوا بالله ورسله هم الصديقون وهم الشهداء عند ربهم، قاله زيد بن أسلم.الثاني: أن قوله: {أَوْلئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} كلام تام.وقوله: {وَالشُّهَدَاءُ عِنَدَ رَبِّهِمْ} كلام مبتدأ وفيهم قولان:أحدهما: أنهم الرسل يشهدون على أممهم بالتصديق والتكذيب، قاله الكلبي.الثاني: أنهم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة.وفيما يشهدون به قولان:أحدهما يشهدون على أنفسهم بما عملوا من طاعة ومعصية، وهذا معنى قول مجاهد.الثاني: يشهدون لأنبيائهم بتبليغ الرسالة إلى أممهم، قاله الكلبي.وقال مقاتل قولا ثالثًا: أنهم القتلى في سبيل الله لهم أجرهم عند ربهم يعني ثواب أعمالهم.{وَنُورُهُمْ} فيه وجهان:أحدهما: نورهم على الصراط.الثاني: إيمانهم في الدنيا، حكاه الكلبي.{اعْلَمُواْ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} فيه وجهان:أحدهما: أكل وشرب، قاله قتادة.الثاني: أنه على المعهود من اسمه، قال مجاهد: كل لعب لهو.ويحتمل تأويلًا ثالثًا: أن اللعب ما رغَّب في الدنيا، واللهو ما ألهى عن الآخرة.ويحتمل رابعًا: أن اللعب الاقتناء، واللهو النساء.{وَزِينَةٌ} يحتمل وجهين:أحدهما: أن الدنيا زينة فانية.الثاني: أنه كل ما بوشر فيها لغير طاعة.{وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ} يحتمل وجهين:أحدهما: بالخلقة والقوة.الثاني: بالأنساب على عادة العرب في التنافس بالآباء.{وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ} لأن عادة الجاهلية أن تتكاثر بالأموال والأولاد، وتكاثر المؤمنين بالإيمان والطاعات.ثم ضرب لهم مثلًا بالزرع {كَمَثَلٍ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمََّ يَهِيْجُ} بعد خضرة.{فَتَرَاهُ مُصْفَرًَّا ثُمَّ حُطَامًا} بالرياح الحطمة، فيذهب بعد حسنه، كذلك دنيا الكافر.{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّنْ رَبِّكُمْ} فيه أربعة أوجه:أحدها: النبي صلى الله عليه وسلم، قاله أبو سعيد.الثاني: الصف الأول، قاله رباح بن عبيد.الثالث: إلى التكبيرة الأولى مع الإمام، قاله مكحول.الرابع: إلى التوبة: قاله الكلبي.{وَجَنَةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ} ترغيبًا في سعتها، واقتصر على ذكر العرض دون الطول لما في العرض من الدلالة على الطول، ولأن من عادة العرب أن تعبر عن سعة الشيء بعرضه دون طوله، قال الشاعر: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مِن يَشَاءُ} فيه وجهان:أحدهما: الجنة، قاله الضحاك. الثاني: الدين، قاله ابن عباس.وفي {مَن يَشَاءُ} قولان:أحدهما: من المؤمنين، إن قيل إن الفضل الجنة.الثاني: من جيمع الخلق، إن قيل إنه الدين.{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ} فيه وجهان:أحدهما: الجوائح في الزرع والثمار.الثاني: القحط والغلاء.{وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ} فيه أربعة أوجه:أحدها: في الدين، قاله ابن عباس.الثاني: الأمراض والأوصاب، قاله قتادة.الثالث: إقامة الحدود، قاله ابن حبان.الرابع: ضيق المعاش، وهذا معنى رواية ابن جريج.{إِلاَّ فِي كِتَابٍ} يعني اللوح المحفوظ.{مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} قال سعيد بن جبير: من قبل أن نخلق المصائب ونقضيها.{لِكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ} فيه وجهان:أحدهما: من الرزق الذي لم يقدر لكم، قاله ابن عباس، والضحاك.الثاني: من العافية والخصب الذي لم يقض لكم، قاله ابن جبير.{وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ ءَاتَاكُمْ} فيه وجهان:أحدهما: من الدنيا، قاله ابن عباس.الثاني: من العافية والخصب، وهذا مقتضى قول ابن جبير.وروى عكرمة عن ابن عباس في قوله: {لِكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ ءَاتَاكُمْ} قال: ليس أحد إلا وهو يحزن ويفرح، ولكن المؤمن يجعل مصيبته صبرًا، والخير شكرًا.{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} فيه خمسة تأويلات:أحدها: الذين يبخلون يعني بالعلم، ويأمرون الناس بالبخل بألا يعلموا الناس شيئًا، قاله ابن جبير.الثاني: أنهم اليهود بخلوا بما في التوارة من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، قاله الكلبي، والسدي.الثالث: أنه البخل بأداء حق الله من أموالهم، قاله زيد بن أسلم.الرابع: أنه البخل بالصدقة والحقوق، قاله عامر بن عبد الله الأشعري.الخامس: أنه البخل بما في يديه، قال طاووس.وفرق أصحاب الخواطر بين البخيل والسخي بفرقين:أحدهما: أن البخيل الذي يلتذ بالإمساك، والسخي الذي يلتذ بالعطاء.الثاني: أن البخيل الذي يعطي عند السؤال، والسخي الذي يعطي بغير سؤال.{وَأنزَلْنَا الْحَدِيدَ} فيه قولان:أحدهما: أن الله أنزله مع آدم. روى عكرمة عن ابن عباس قال: ثلاث أشياء نزلت مع آدم: الحجر الأسود، كان أشد بياضًا من الثلج، وعصا موسى وكانت من آس الجنة، طولها عشرة أذرع مثل طول موسى، والحديد، أنزل معه ثلاثة أشياء: السندان والكلبتان والميقعة وهي المطرقة.الثاني: أنه من الأرض غير منزل من السماء، فيكون معنى قوله: {وَأَنزَلْنَا} محمولًا على أحد وجهين:أحدهما: أي أظهرن اهـ.الثاني: لأن أصله من الماء المنزل من السماء فينعقد في الأرض جوهره حتى يصير بالسبك حديدًا.{فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} فيه وجهان:أحدهما: لأن بسلاحه وآلته تكون الحرب التي هي بأس شديد.الثاني: لأن فيه من خشية القتل خوفًا شديدًا.{وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} يحتمل وجهين:
|